رؤية فلسطينية بهوية عربية - شبكة أطلس سبورت

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تمر القضية الفلسطينية بمرحلة تاريخية وجوهرية في ظل تطوراتها والتحولات التي تحدث من يوم إلى آخر منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن وما شهدته الأزمة من اشتعال وتوتر وتعرض الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى حرب إبادة جماعية من الاحتلال الإسرائيلي المجرم والخراب والتدمير الذي أحدثه الاحتلال في القطاع الذي أصبح غير مؤهل للحياة؛ وصولًا إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم بعد جهود مضنية مشتركة من الدولة المصرية ودولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية.

وما تبع ذلك من تطورات بشأن تصاعد حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة لتصفية القضية الفلسطينية والاستيلاء على القطاع، حتى تفاجأ ترامب بموقف مصري أردني حازم وصارم يرفض تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر أو الأردن والإصرار على إعمار غزة في وجود أهلها على أرضهم، ثم إجماع الموقف العربي على رفض التهجير وإعمار غزة وعدم خروج أهلها منها، وصولًا إلى القمة العربية الطارئة المرتقبة يوم 4 مارس المقبل في القاهرة.

ومن الخطوات المهمة ما أعلنته الرئاسة الفلسطينية بالأمس أن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، سيقدم الرؤية الفلسطينية لمواجهة التحديات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية في القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس المقبل، وأن الخطة تشتمل على العناصر التي من شأنها الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني الشرعية، وضمان صموده وثباته على أرضه، ومنع محاولات التهجير، وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في غزة والضفة الغربية، وصولًا إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد الدولة الفلسطينية على خطوط عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.

الرؤية الفلسطينية التي سيقدمها الرئيس الفلسطيني للقمة العربية الطارئة في القاهرة تتضمن تمكين دولة فلسطين وحكومتها الشرعية من تولي مهامها ومسؤولياتها في قطاع غزة كما هو في الضفة الغربية، انطلاقًا من وحدة الأرض الفلسطينية ونظامها السياسي وولايتها الجغرافية والسياسية والقانونية، وضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، ووجوب استلامها للمعابر كافة، بما فيها معبر كرم أبو سالم، ورفح الحدودي مع مصر وتشغيله بالتعاون مع مصر والاتحاد الأوروبي وفق اتفاق عام 2005، وأرى أن هذه الخطوة مهمة للغاية في سبيل استكمال واستدامة اتفاق وقف إطلاق النار وقد يكون بداية مهمة لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، فالوصول إلى تنفيذ هذا الطرح يؤدي إلى وحدة وطنية فلسطينية ويساهم في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني الشقيق ويمهد الطريق لتنفيذ عملية شاملة لإعمار قطاع غزة وعودة الحياة والهدوء إليه من جديد لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني.

كما أن الرؤية الفلسطينية تضمن وحدة الأراضي الفلسطينية وإدارة شئون قطاع غزة من خلال أبناء فلسطين وليس من خارجهم، وتقطع الطريق أمام الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية الذين يتحججون بإبعاد حماس عن إدارة قطاع غزة ويتخذون بعض الذرائع الواهية لاستمرار القوات الإسرائيلية في غزة، لذا فإن هذه الرؤية الفلسطينية تعزز من جهود مصر والدول العربية لاستدامة وقف إطلاق النار وبدء عملية إعمار غزة.
وأمر جيد ما تناولته الرؤية الفلسطينية بشأن حشد الحكومة الفلسطينية في حدود إمكانياتها، طاقاتها ومواردها المتوفرة في قطاع غزة، لاستعادة خدمتي المياه والكهرباء، ومساعدة النازحين على العودة إلى مناطقهم، وتوفير وسائل الإيواء لهم، وفتح الطرق، وتفعيل الخدمات الصحية والتعليمية، وتقديم المساعدات الإنسانية في إطار خطة التعافي المبكر التي يشرف على تنفيذها فريق حكومي، وكذلك تشكيل لجنة عمل لشؤون غزة من أبناء غزة برئاسة وزير من الحكومة الفلسطينية، تشمل مهامها إسناد جهود الحكومة في تنسيق تقديم الخدمات الإنسانية والاجتماعية والصحية، وتوفير الإيواء المؤقت، فلا بد من دعم تنفيذ هذه الرؤية من حماس والدول العربية والمجتمع الدولي، لتكون بداية حقيقية لتسوية القضية الفلسطينية وإفشال مخطط التهجير وإنهاء الحرب والاحتلال.
ولا يخفى على أحد دور الدولة المصرية الكبير في دعم القضية الفلسطينية والتصدي لمخطط التهجير ومنع تصفية القضية الفلسطينية وطرح تصور متكامل لإعادة إعمار قطاع غزة، وهو ما أكدت عليه الرؤية الفلسطينية بأنها أشارت إلى أن الحكومة الفلسطينية أعدت خطة للتعافي وإعادة الإعمار، مع إبقاء السكان في داخل القطاع، بالتشاور والتعاون مع مصر والمنظمات الدولية بما فيها البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسيتم تقديمها إلى القمة العربية لإقرارها، وتأكيد الرئاسة الفلسطينية بأنها تعمل مع الأشقاء في مصر والأمم المتحدة على عقد المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار في أقرب فرصة ممكنة، وتدعو إلى ضرورة العمل على تحقيق هدنة شاملة وطويلة المدى، في كل من غزة والضفة والقدس، مقابل وقف الأعمال الإسرائيلية أحادية الجانب التي تنتهك القانون الدولي، ووقف الممارسات والسياسات التي تقوض حل الدولتين، وتُضعف السلطة الوطنية الفلسطينية، وتحافظ على الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وهو ما يفتح المجال أمام مسار سياسي يستند إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي.

إن الرؤية الفلسطينية المقترحة أكدت على أهمية تحقيق الوحدة الوطنية وأن الخيار الديمقراطي والاحتكام لصندوق الاقتراع، هو الطريق الوحيد لاحترام إرادة الشعب لاختيار من يمثله من خلال انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، تجري في كل الأرض الفلسطينية، في غزة والضفة والقدس الشرقية، وذلك بعد عام من الآن، فيجب أن يعمل الجميع على الدفع في تحقيق وتنفيذ هذا المسار الذي يضمن وحدة الصف الفلسطيني ووحدة الدولة الفلسطينية ويقوي الموقف الفلسطيني والقضية.
الجميع الآن يجب ببذل كل الجهود الممكنة لضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بكامل مراحله وبنوده، وصولًا للتهدئة الكاملة، والتأكيد على أهمية استدامة وقف إطلاق النار، وبما يضمن نفاذ الدعم الإنساني إلى جميع أنحاء قطاع غزة وإزالة جميع العقبات أمام دخول كافة المساعدات الإنسانية والإيوائية ومتطلبات التعافي وإعادة التأهيل، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل والرفض التام لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة، والعمل على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في قطاع غزة باعتباره جزءًا من الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبما يسمح للمجتمع الدولي بمعالجة الكارثة الإنسانية التي تعرض لها القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي.

وهناك أهمية قصوى لتضافر جهود المجتمع الدولي لتنفيذ عملية شاملة لإعادة الإعمار في قطاع غزة، بأسرع وقت ممكن، وبشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، وعلى المجتمع الدولي أن يعمل على حل الأزمة من خلال التوصل لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك تجسيد الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وفي سياق وحدة قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، وخطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧، ويجب دعم جهود التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين والمشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، والمُقرر عقده في يونيو 2025.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق