جلال حمام
الإثنين 24/فبراير/2025 - 02:42 م 2/24/2025 2:42:14 PM
مع عودة جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء، في المرحلة الأولى من صفقةوقف إطلاق النار في غزة، إلى ديارهم، والغضب الواسع في إسرائيل من احتفالات حماس بإطلاق هؤلاء المحتجزين بشكل علني، أصبحت الظروف مهيأة من وجهة نظر نتنياهو لاستئناف الصراع المكثف في غزة.
ويبدو أن القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بعد إطلاق سراح ستة إسرائيليين، بتأخير إطلاق سراح أكثر من ستمائة أسير فلسطيني، كان من المفترض أن يتم إطلاق سراحهم يوم السبت، كجزء من الاتفاق مع حماس، نذير شؤم، إذ أجلت إسرائيل إطلاق سراح الأسرى، حتى تتأكد من إطلاق سراح الرهائن التاليين دون مراسم (مُهينة)، بحسب بيان صادر عن مكتب نتنياهو.. هذا القرار الذي اتخذه نتنياهو، ضد نصيحة القادة العسكريين والأمنيين، بعد عمليات إطلاق سراح الرهائن، ومن المقرر أن تتم عمليات الإفراج النهائية في المرحلة الأولى الحالية، من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يوم الخميس القادم، حيث من المفترض أن تُعيد حماس أربعة رهائن قتلى إلى إسرائيل.. يعتقد كثيرون، أن نتنياهو انتظر حتى أصبح جميع الأسرى الأحياء في المرحلة الأولى في أيدي إسرائيل، حتى يتمكن من البدء في التحرك الذي سيؤدي إلى انهيار الاتفاق، والعودة إلى الحملة العسكرية ضد حماس.. ويبدو أن الظروف أصبحت مواتية، من وجهة نظره ومن وجهة نظر تحالفه اليميني المتطرف، لجولة أخرى من الحرب، ولكن هذه المرة بتشجيع من جانب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.. وفي رده على ذلك، قال المسئول في حركة حماس، باسم نعيم، إن حماس لن تجري محادثات مع إسرائيل من خلال وسطاء، بشأن أي خطوات أخرى في اتفاق وقف إطلاق النار، ما لم يتم إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين كما هو متفق عليه.. مع تصاعد التوترات، تعهد نتنياهو بتحقيق الأهداف المعلنة للحرب!!، من خلال المفاوضات (أو بوسائل أخرى).
وقد أدانت حركة حماس قرار نتنياهو وقف إطلاق سراح الأسرى، الذي دعمته حكومة الحرب، التي تضم الوزراء رون ديرمر، ويسرائيل كاتس، وجدعون ساعر، وبتسلئيل سموتريتش، على خلفية الغضب الواسع النطاق الذي انتشر في جميع أنحاء إسرائيل على مدى الأيام الثلاثة الماضية.. وقالت حماس، إن ادعاء الاحتلال بأن مراسم التسليم كانت (مُهينة)، هو ادعاء كاذب وذريعة واهية، تهدف إلى التهرب من التزامات الاتفاق، لأن هذه المراسم لا تتضمن أي إهانة للأسرى، بل تعكس المعاملة الإنسانية والكريمة التي يتلقونها، و(الإهانة الحقيقية هي ما يتعرض له أسرانا).. وما قرار نتنياهو إلا محاولة متعمدة لتخريب الاتفاق ويُشكل خرقًا واضحًا، و(نطالب الوسطاء والمجتمع الدولي بتحمل المسئولية، والضغط من أجل تنفيذ الاتفاق والإفراج الفوري عن الأسرى).
قد كتب عاموس هاريل، محلل الدفاع في صحيفة (هآرتس) العبرية، والذي لا يميل بشكل عام إلى التقييمات الدرامية أو المبالغ فيها، بأنه، (سيتم تذكر الأيام القليلة الماضية، باعتبارها لحظات رئيسية في تاريخ الحرب، وربما في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بأكمله).. هذا الشعور مدفوع بعدة عوامل:منها، النتائج التي روجتها إسرائيل، عما ادعت أنه (ظروف مروعة لقتل طفلين أحدثت صدمة عميقة في إسرائيل)!!.. وحقيقة أن حماس أعادت في البداية جثة امرأة أخرى، بدلًا من جثة شيري بيباس.. وهو.خلط تم تصحيحه بعد أربعة وعشرين ساعة، من قِبل إسرائيل، والتقييم الإسرائيلي الذي زعم أيضَا بأنها (قُتلت بوحشية).. ثم الحالة الخطيرة التي وصل إليها عدد كبير من الرهائن المفرج عنهم، وشهاداتهم المزعزمة، بشأن المعاملة الجسدية والنفسية الوحشية، التي تعرضوا لها على يد حماس!!.. وأخيرًا، العبوات الناسفة التي زُرِعت، يوم الخميس الماضي، في أربع حافلات وسط إسرائيل.. وقد أدت كل هذه العوامل إلى خلق شعور في إسرائيل، بأنه ليس هناك مَنْ يمكن التحدث معه، وليس هناك شيء يمكن التحدث عنه.. الأمر الذي مهد الطريق للخطوات العسكرية التالية.
ويستعد الجيش الإسرائيلي لاحتمال غزو جديد لغزة، إذ يكتب هاريل، إن رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، الذي سيتولى منصبه في غضون عشرة أيام، يقوم بصياغة خطة عملياتية، توصف بأنها عدوانية بشكل خاص.. ويسعى نتنياهو الآن إلى تصعيد الأزمة بالقرار الذي اتخذه بين عشية وضحاها.. وقد ساهمت إحدى التحركات التي اتخذتها حماس في الآونة الأخيرة، والتي أثارت غضبًا واسع النطاق، في تصعيد التوتر في إسرائيل.. عندما أحضرت حماس جاي جلبوع دلال، وإفيتار ديفيد ـ وهما صديقان مقربان اختطفا معًا من حفل نوفا ـ إلى موقع الإفراج في مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة، يوم السبت، حتى يشهدا إطلاق سراح ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين ويوصلا نداءًيائسًا إلى عائلاتهم والجمهور الإسرائيلي ورئيس الوزراء نتنياهو، (أصدقاؤنا يغادرون، ونحن نريد فقط أن تنتهي هذه الأزمة).. هكذا قال الاثنان أمام كاميرات حماس، (أنقذنا! نتنياهو، أعدنا إلى ديارنا.. الوضع صعب هنا، ونحن نحلم بالرحيل).. كما دعا الاثنان، اللذان من المقرر إطلاق سراحهما في المرحلة الثانية من الاتفاق، عائلاتهما إلى مواصلة الاحتجاج في إسرائيل للضغط على الحكومة للمضي قدمًا في الاتفاق.
ورغم الطقس البارد والممطر الشديد، شارك الآلاف في مظاهرات في مختلف بأنحاء إسرائيل، دعمًا للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي من المفترض أن تُطلق حماس بموجبها سراح الرهائن الثلاثة والستين المتبقين في يديها، ويعتقد أن أربعة وعشرين منهم على الأقل، على قيد الحياة.. وقد وصل ساشا تروفانوف، الذي أُطلق سراحه من قِبل حماس قبل أسبوع واحد فقط، إلى ساحة الرهائن في تل أبيب، حيث التقى والدي تال شوهام، التي تم إطلاق سراحها في وقت سابق من اليوم.. وتحدث والد شوهام، جلعاد كورينجولد، في التجمع وقال، (من الممكن والضروري إطلاق سراح جميع الرهائن في عملية واحدة مستمرة وتقصير الجداول الزمنية).. وقالت إيناف زانجاكر، والدة الرهينة ماتان، التي أصبحت الشخصية الأكثر شهرة في معركة إسرائيل من أجل الرهائن، والتي واجهت هجمات قبيحة في الأسابيع الأخيرة من أنصار نتنياهو، قبل المظاهرة، (إن حكومتنا المنفصلة تدفع باتجاه العودة إلى الحرب،ضد إرادة الشعب وضد مصالح إسرائيل.. ونتنياهو، مهندس عمليات الإفراج المدبرة، يُبطئ قدميه.. نتنياهو يحاول استرضاء شركائه المتطرفين، على حساب الرهائن الآخرين).
في هذه الأثناء، أرسل الجيش الإسرائيلي دباباته إلى الضفة الغربية المحتلة، لأول مرة منذ أكثر من عقدين من الزمن، حيث وردت أنباء عن تنفيذ غارات في مواقع عديدة، مثل الخليل وقباطية.. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي،يسرائيل كاتس، إن الغارة الأخيرة عبر الضفة الغربية تتوسع، وإن القوات ستبقى في المناطق الحضرية الساخنة في المنطقة (للعام المقبل)، مما يعني أن حوالي أربعين ألف شخص نزحوا بسبب الهجوم، لن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم!!.
●●●
في لبنان.. رفضت إسرائيل الانسحاب من خمسة مناطق بجنوب لبنان،زاعمة أنها (ضرورية لأمنها)، مما دفع فرنسا إلى مطالبة تل أبيب بالانسحاب الكامل من لبنان، رافضة استمرار وجود الجيش الإسرائيلي في هذه المواقع، لأن ذلك يُعد احتلالًا.. فيما رجّحت مصادر بأن يكون وراء قرار إسرائيل البقاء بتلك المناطق الخمس اللبنانية، رسالة إلى الداخل، حيث إنها تركت لنفسها موطئًا في لبنان، يقابل كل مستوطنة إسرائيلية في الشمال، كان سكانها قد نزحوا منها بفعل صواريخ حزب الله أثناء الحرب على غزة.. كما أن هناك أهمية استراتيجية.. ففي كل منطقة، سيبقى فيها الجيش الإسرائيلي منطقة مرتفعة على طول الخط الأزرق تراقب العمق اللبناني.. إذ ستبقى إسرائيل في منطقة اللبونة مقابل مستوطنة شلومي، وهي منطقة مرتفعة وتطل على مناطق طويلة تطل على داخل لبنان، خصوصًا أن إسرائيل لن تستطيع استخدام الطيران والمسيرات بعد الانسحاب، بالتالي تحتاج نقاطًا مرتفعة عالية.. كذلك، هناك نقطة في جبل بلاط المقابلة لمستوطنة زرعيت، ونقطة أخرى في جبل الديب المقابلة لمستوطنة أفيفيم، وجبل الدير أصبع الجليل الحمامص، وفي الجهة المقابلة لمستوطنة مرجريوت وكريات شمونة.
وكانت إسرائيل امتنعت عن سحب كامل قواتها من لبنان بحلول الثامن عشر من فبراير الحالي، حيث كان من المفروض أن يستكمل جيشها سحب قواته في السادس والعشرين من يناير الماضي، وفقا للمهلة المحددة في الاتفاق بين إسرائيل ولبنان، قبل أن يتم الإعلان عن تمديدها بضوء أخضر من البيت الأبيض.. كما استمر انتشار قواتها في المواقع الخمس على طول الحدود، تحت ذرائع أمنية.. بالرغم من أن فرنسا دعت جميع الأطراف إلى تبني اقتراحها،الذي يُمكّن قوات (اليونيفيل) من أن تنتشر في هذه المواقع الخمسة في المنطقة المجاورة مباشرة للخط الأزرق، لتحل محل القوات الإسرائيلية وتضمن أمن السكان هناك.. كما أعلنت أنها ستواصل تولي جميع المهام المحددة في اتفاق السادس والعشرين من نوفمبر 2024، إلى جانب الولايات المتحدة في إطار الآلية.. ورحبت كذلك بإعادة انتشار الجيش اللبناني، بالتنسيق الوثيق مع (اليونيفيل) وآلية مراقبة وقف إطلاق النار، في المواقع التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية.. ورأت أن هذا التموضع سيسمح بتنفيذ عمليات إزالة آثار الدمار ومرافقة عودة السكان، في أفضل الظروف الأمنية الممكنة، مجددة دعمها لعمل قوات (اليونيفيل)، والتذكير بدورها الأساسي في أمن المنطقة.. وبدوره، أعلن حزب الله أن إسرائيل لا تزال تحتل أراضي لبنانية، مُحمّلًا الحكومة اللبنانية مسئولية إخراجها وفق الاتفاق، وإلا سيكون من حقة معاودة مقاومة هذا الاحتلال.
●●●
وفي اليمن.. أطلق الحوثيون صواريخ أرض ـ جو، على طائرة مقاتلة أمريكيةمن طراز F16، في سابقة هى الأولى من نوعها، وطائرة بدون طيار، لكنهم لم يصيبوا أي منهما.. قال عبد الملك الحوثي، في خطاب مُتلفز يوم الثالث عشر منفبراير، إن الحوثيين سيتدخلون بالصواريخ والطائرات بدون طيار ويهاجمون السفن في البحر الأحمر، إذا حاولت الولايات المتحدة وإسرائيل إخراج الفلسطينيين من غزة بالقوة.. وفي ذلك الوقت، هدد أيضًا باستئناف الهجمات على إسرائيل، بعد أن قالوا إنهم سيوقفون هجماتهم عندما تنتهي الحرب في غزة، وهو ما حدث، منذ بدء وقف إطلاق النار، لم يهاجموا إسرائيل.
إلا أن أغرب ما يحدث، هو إعلان إسرائيل إنها لن تتسامح مع وجود هيئة تحرير الشام في جنوب سوريا، أو أي قوات أخرى تابعة للحكام الجدد في البلاد، وطالبت بأن تكون المنطقة منزوعة السلاح.. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل ستحتفظ بمواقعها هناك كإجراء دفاعي، وما دام ذلك ضروريا، (لن نسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد، بدخول الأراضي الواقعة جنوب دمشق.. نطالب بنزع السلاح الكامل في جنوب سوريا، في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء).. وأضاف (لن نتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا)، الذين يشكلون أقلية في سوريا وكذلك في إسرائيل.. هذا بالرغم من مطالبة سوريا إسرائيل بسحب قواتها من البلاد.. وتقول الأمم المتحدة، إن تحرك إسرائيل داخل الأراضي السورية، يشكل انتهاكًا للاتفاقيات الدولية، كما دعت إلى سحب القوات المحتلة للأراضي السورية.
حفظ الله مصر والأمة العربية من كيد الكائدين.. آمين.
0 تعليق