نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، مقالا مشتركا لقادة جنوب أفريقيا وكولومبيا وماليزيا، قالوا فيه إن تصرفات «إسرائيل» تضرب أسس القانون الدولي.
وتتبع المقال تصرفات الاحتلال الإسرائيلي على مدى أكثر من 500 يوم في غزة بشكل منهجي، بدعم من «الدول القوية التي وفرت لها الغطاء الدبلوماسي والمعدات العسكرية والدعم السياسي»، ما يمثل «انتهاكا للقانون الدولي».
وأشار إلى أن «هذا التواطؤ وجه ضربة مدمرة لسلامة ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه الأساسية لحقوق الإنسان والمساواة في السيادة وحظر الإبادة الجماعية»، لافتين إلى أن «النظام الذي يسمح بقتل ما يقدر بنحو 61 ألف شخص لا يعد في طريقه للفشل فحسب ــ بل إنه فشل بالفعل».
تشارك في كتابة المقال: رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، ورئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، ورئيس كولومبيا غوستافو بيترو، والمنسقة العامة للمنظمة التقدمية الدولية والرئيسة المؤقتة لمجموعة محكمة لاهاي فارشا جانديكوتا-نيلوتلا.
ولفت القادة إلى أن «الأدلة التي جرى بثها مباشرة على الهواتف والتي جرى تقييمها من قبل المحاكم العليا في العالم لا لبس فيها»، مشيرة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن احتلال «إسرائيل» غير القانوني للأراضي الفلسطينية بالإضافة إلى أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق كبار قادة الاحتلال والتدابير الأولية الصادرة في قضية اتفاقية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الأحكام، يشير المقال إلى أن الانتهاكات لا تزال مستمرة، بفضل «الدول التي تتحدى المحاكم العليا في العالم، بفرض عقوبات على المسؤولين والموظفين ووكلاء المحكمة الجنائية الدولية والتحدي العلني لأوامر المحكمة».
وتطرق المقال إلى الاقتراح الأخير الذي تقدم به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «بالسيطرة» على غزة ــ أي ضمها ثم تطهيرها عرقيا، واقتراحه ترحيل سكانها الفلسطينيين إلى مصر والأردن، معتبرين ذلك «يضرب أسس القانون الدولي ذاتها، التي يتعين على المجتمع الدولي أن يدافع عنها»، متابعا: «إذا ما يجرى تنفيذ مثل هذه الإجراءات فإنها تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي والمبادئ الأساسية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة».
وقالوا إن «الهجوم على الشعب الفلسطيني يذكرنا بفصول مظلمة في تاريخ بلداننا ـ جنوب أفريقيا في ظل نظام الفصل العنصري، وكولومبيا أثناء مكافحة التمرد، وماليزيا في ظل الحكم الاستعمار، وتذكرنا هذه النضالات بأن الظلم في أي مكان يشكل تهديدًا للعدالة في كل مكان، قد ننتمي إلى قارات مختلفة، لكننا نشترك في الاعتقاد بأن الرضا عن الذات هو تواطؤ في مثل هذه الجرائم. وأن الدفاع عن الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني في تقرير المصير مسؤولية جماعية».
وذكَّر القادة باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا تاريخيًا في سبتمبر 2024 يحدد الالتزامات القانونية للدول لضمان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، حيث صوتت أغلبية ساحقة من 124 دولة لصالح القرار، مؤكدة على ضرورة «ضمان المساءلة عن جميع انتهاكات القانون الدولي من أجل إنهاء الإفلات من العقاب، وضمان العدالة، وردع الانتهاكات المستقبلية، وحماية المدنيين وتعزيز السلام».
وأشاروا كذلك إلى جانب بوليفيا وكولومبيا وهندوراس وناميبيا، بإطلاق مجموعة لاهاي، وهو تحالف ملتزم باتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة سعيًا إلى محاسبة «إسرائيل» على جرائمها، لافتين إلى «الالتزامات الثلاثة المعبر عنها في افتتاحية مجموعة لاهاي مدفوعة بأمرين أساسيين: إنهاء الإفلات من العقاب والدفاع عن الإنسانية».
وشدد القادة الثلاثة إلى التزام حكوماتهم بالمذكرات الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، مع التأكيد على إجراء تحقيقات وملاحقات قضائية مناسبة وعادلة ومستقلة على المستوى الوطني أو الدولي؛ ومنع السفن التي تحمل الإمدادات العسكرية إلى «إسرائيل» من استخدام موانئهم، ونمنع جميع عمليات نقل الأسلحة التي قد تؤدي إلى تمكين المزيد من الانتهاكات للقانون الإنساني.
وقالوا إن الهدف من هذه الجهود ليس تقويض التعددية، بل إنقاذها، متابعين: «كما اتحد المجتمع الدولي ذات يوم لتفكيك نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ــ من خلال ضغوط قانونية واقتصادية ودبلوماسية منسقة على نحو مماثل ــ يتعين علينا الآن أن نتحد لفرض القانون الدولي وحماية الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني في تقرير المصير، والبديل هو الاستسلام لعالم حيث القوة وحدها هي التي تحدد القوانين التي تهم والقوانين الأخرى التي يمكن انتهاكها متى شاءت».
ورحبوا كذلك بوقف الأعمال العدائية مؤخرًا، وتبادل الأسرى، وعودة الأسر الفلسطينية النازحة، وهي خطوات اعتبروها تخطو نحو التوصل إلى حل سلمي لهذه الكارثة، ولكن «وقف إطلاق النار أثبت بالفعل أنه هش»، بحسب قولهم.
وقالوا إن «النظام الدولي لا يمكن أن يصمد إذا ما تعرض للتقويض من قِبَل أولئك الذين يستخدمون حق النقض والعقوبات لحماية الحلفاء من التدقيق أو يستخدمون المساعدات والتجارة كأدوات للإكراه»، معتبرين أن «الهدف من التهديد بالعقاب هو إجبار البلدان على التراجع إلى لغة المناشدات، ولا يمكننا أن نظل سلبيين ونضطر إلى نشر الدعوات والمطالب بينما يتم تدمير مبادئ العدالة التي تدعم نظامنا الدولي».
وقالوا إنهم يؤمنون «بالبطولة وليس بالتوسل»، معتبرين أن «الاختيار واضح: إما أن نعمل معًا لتطبيق القانون الدولي أو نخاطر بانهياره»، وأنهم اختاروا العمل، «ليس فقط من أجل شعب غزة، بل ومن أجل مستقبل عالم تسود فيه العدالة على الإفلات من العقاب».
0 تعليق