الذكاء الاصطناعي يصمم رقاقات إلكترونية غريبة.. هل نثق بما لا نفهم؟ - شبكة أطلس سبورت

البوابة العربية للأخبار التقنية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الذكاء الاصطناعي يصمم رقاقات إلكترونية غريبة.. هل نثق بما لا نفهم؟ - شبكة أطلس سبورت, اليوم الأربعاء 26 فبراير 2025 11:37 مساءً

في عالم تتسارع فيه وتيرة الابتكار التكنولوجي، أصبحت الرقاقات الإلكترونية اللاسلكية هي العصب الحيوي لكل بنية تحتية للاتصالات، ابتداءً من الهواتف الذكية التي لا نستغني عنها، ومرورًا بأجهزة المودم التي تربطنا بالعالم الرقمي، ووصولًا إلى رادارات المراقبة الجوية التي تحمي الأجواء الجوية بلا كلل.

ولطالما كان تصميم هذه الرقاقات حكرًا على العقول البشرية، التي تجمع بين الخبرة العميقة والتجربة المستمرة، ولكن يبدو أن الذكاء الاصطناعي على وشك تغيير هذا الواقع.

فقد نجح فريق دولي من الباحثين في مجال الهندسة في تقديم نهج ثوري يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتصميم رقاقات دقيقة لاسلكية، وهو ما وثقوه في دراسة نُشرت في مجلة (Nature) العلمية المرموقة.

ويكمن الإنجاز في استخدام تقنيات التعلم العميق لتصميم تخطيطات جديدة للرقاقات تتسم بالكفاءة والتعقيد، إذ أثبتت تفوقها في الاختبارات العملية، ولكن المثير للدهشة، بحسب الباحثين، أن هذه الرقاقات تعمل بكفاءة عالية، ومع ذلك لا يستطيعون حتى الآن تفسير الآلية الدقيقة التي تحقق بها هذا الأداء المتميز.

ويفتح هذا الغموض الباب أمام تساؤلات مثيرة حول قدرة الذكاء الاصطناعي على تجاوز حدود الفهم البشري في تصميم التكنولوجيا، وهل نحن على وشك الاعتماد على تقنيات مصممة بالذكاء الاصطناعي دون أن نفهم تمامًا كيف تعمل؟

تصميم الرقاقات الإلكترونية.. هل يتجاوز الذكاء الاصطناعي فهمنا؟

الذكاء الاصطناعي يصمم رقاقات إلكترونية غريبة.. هل نثق بما لا نفهم؟

تتميز الرقاقات المصممة بالذكاء الاصطناعي بتصميمات غريبة، أشبه بتلك التي نراها في أفلام الخيال العلمي، وقد دفع هذا الأمر بعض الباحثين إلى التساؤل هل يمتلك الذكاء الاصطناعي نوعًا من (الذكاء الفضائي)، الذي يتجاوز قدراتنا البشرية، ففي نهاية المطاف، حتى مطوري الذكاء الاصطناعي أنفسهم يعترفون بأنهم لا يفهمون تمامًا كيف تعمل هذه الأنظمة المعقدة التي طوروها.

وأوضح كوشيك سينجوبتا، أستاذ الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب في جامعة برينستون ورئيس الفريق البحثي، أن تصميمات الرقاقات التي أنتجها الذكاء الاصطناعي تبدو وكأنها أشكال عشوائية غامضة، تتحدى قدرة البشر على استيعابها بالكامل.

وعند النظر إلى صور هذه الرقاقات يتبادر إلى الذهن تصميمات فضائية غريبة، وكأن الفنان السريالي (إتش. آر. جيجر)، قد انتقل من عوالم الفن الخيالي إلى عالم الإلكترونيات الدقيقة. ومع ذلك لا يثير هذا الأمر دهشة بعض الباحثين، مثل آفي لوب، من جامعة هارفارد، الذي يرى في الذكاء الاصطناعي نوعًا من (الذكاء الفضائي) وليس مجرد محاكاة للعقل البشري.

ويذهب بعض الباحثين والخبراء إلى أبعد من ذلك، مشيرين إلى أن الذين يطوّرون الذكاء الاصطناعي اليوم يجدون أنفسهم أمام لغز محير، غير قادرين على فهم كامل للآليات التي تحركه.

تفوق ملحوظ وإمكانيات واعدة:

نجح نموذج التعلم العميق في التجارب العملية في ابتكار هياكل كهرومغناطيسية متطورة للغاية، وعند تقييم أدائها، أظهرت تفوقًا ملحوظًا على التصاميم التقليدية التي أبدعها المهندسون البشر.

وقد وجد الباحثون أن نموذجهم يتناسب تمامًا مع منهجية (التصميم التوليفي العكسي) inverse synthesis design، وهي عملية تبدأ بالنتيجة النهائية المرغوبة، ثم تسمح للنموذج بالعمل بشكل عكسي لملء الفراغات وتحقيق الهدف.

وتكشف هذه العملية بتفاصيلها المعقدة عن قدرة استثنائية للذكاء الاصطناعي على التكيف وإعادة التفكير في المشكلات بطرق غير تقليدية.

وعلى الصعيد العملي، يمثل هذا الإنجاز إشارة واضحة إلى مستقبل واعد لصناعة الرقاقات اللاسلكية ذات الموجات المليمترية، وهي صناعة تقدر قيمتها حاليًا بما يصل إلى 4.5 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تتضاعف ثلاثة أضعاف خلال السنوات الست القادمة.

ويفتح هذا التطور الباب أمام ثورة في عالم الاتصالات اللاسلكية، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقودنا إلى مستويات جديدة من الأداء والكفاءة، تتجاوز حدود التصميم البشري التقليدي.

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل تصميم الرقاقات الإلكترونية:

تتسم عملية تصميم الرقاقات الإلكترونية الحالية بالصعوبة والتعقيد، إذ تعتمد على مزيج من المعرفة المتخصصة، والقوالب المجربة والمختبرة مرارًا وتكرارًا، وأسلوب التجربة والخطأ الذي يتطلب صبرًا ودقة.

وتبدأ هذه العملية بمرحلة التوليف، التي تُصاغ فيها التصاميم الأولية، ثم تنتقل إلى المحاكاة الحاسوبية لتقييم الأداء النظري، وأخيرًا تصل إلى الاختبارات العملية في الواقع للتأكد من الجدوى، وغالبًا ما تمتد هذه الدورة من أيام إلى أسابيع، لكن النتيجة تبقى تحديًا حتى لأمهر المهندسين، إذ تتسم الهندسة الناتجة بتعقيد ضخم يشبه في دقته أسرار الكون، ويجد البشر صعوبة كبيرة في فهم الهندسة المعقدة للغاية للرقاقات التي ينتجونها.

وفي هذا السياق، يحرص كوشيك سينجوبتا، قائد الفريق البحثي، على التأكيد أن هذا النهج المدعوم بالذكاء الاصطناعي ليس بديلًا نهائيًا عن المهندسين، بل أداة مساعدة قوية، ففي تجاربهم، أنتجت خوارزمية التعلم العميق تصاميم متباينة، بعضها كان فعّالًا بنحو مذهل، وبعضها كان معيبًا تمامًا.

وأوضح سينجوبتا في ملخص بحثه، أن تصاميم الذكاء الاصطناعي مازالت تحتوي على عقبات تتطلب تدخل المصممين البشريين لتصحيحه، والهدف ليس القضاء على دور الإنسان في هذه العملية، بل تمكينه بأدوات مبتكرة تعزز الإنتاجية، فالعقل البشري هو الأنسب لابتكار أشياء جديدة، في حين يمكن لهذه الأدوات تحمل أعباء المهام الروتينية المتكررة والتفاصيل التنفيذية.

حتى الآن، نجح نموذج الذكاء الاصطناعي في إنتاج هياكل كهرومغناطيسية دقيقة الحجم، لكن الطموحات تتجاوز ذلك، إذ يرى الباحثون أن هذه الإنجازات قد تكون بمثابة لبنات أساسية يمكن ربطها معًا مستقبلًا لتصميم دوائر أكثر تعقيدًا وتكاملًا، مما يفتح آفاقًا جديدة في عالم التكنولوجيا.

ويشكل هذا الاكتشاف مصدر إلهام كبير للباحثين، لكنه يحمل في طياته قلقًا خفيًا، فمع تسارع هذا التطور، قد نجد أنفسنا قريبًا نعتمد على تقنيات مبتكرة صيغت بواسطة الذكاء الاصطناعي، دون أن نملك القدرة على فهم كامل لكيفية عملها أو التحكم في تعقيداتها.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق